الأربعاء، 5 يونيو 2013

صنائع المعروف

قضاء الحوائج من أنواع بذل المعروف، وقضاء حوائج الخلق من الأعمال الجليلة التي ترفع العبد إلى أعلى المنازل والدرجات.
عن ابن عمر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)
أخوة الدين فإنها أخوة ثابتة راسخة في الدنيا وفي الآخرة ، تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته، لكن هذه الأخوة لا يترتب عليها ما يترتب على أخوة النسب من التوارث ووجوب النفقة وما أشبه ذلك.
ثم قال : " 
لا يظلمه ولا يسلمه"   لا يظلمه لا في ماله ، ولا في بدنه، ولا في عرضه، ولا في أهله، يعني لا يظلمه  يسلمه يعني لا يسلمه لمن يظلمه ، فهو يدافع عنه ويحميه من شره، فهو جامع بين أمرين:
الأمر الأول: أنه لا يظلمه       والأمر الثاني: أنه لا يسلمه لمن يظلمه بل يدافع عنه.
ولهذا قال العلماء - رحمهم الله -: يجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه فعرضه وبدنه وماله. في عرضه: يعني إذا سمع أحداً يسبه ويغتابه ، يحب عليه أن يدافع عنه. وكذلك أيضاً في بدنه : إذا أراد أحد أن يعتدي على أخيك المسلم وأنت قادر على دفعه، وجب عليك أن تدافع عنه، وكذلك في ماله: لو أراد أحد أن يأخذ ماله، فإنه يجب عليك أن تدافع عنه.
ثم قال عليه الصلاة والسلام:" والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه" يعني أنك إذا كنت في حاجة أخيك تقضيها وتساعده عليها؛ فإن الله تعالى يساعدك في حاجتك ويعينك عليها جزاءً وفاقاً..
ثم قال:" ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا؛ فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" الكرب ما يضيق على الإنسان ويشق عليه ، ويجد له في نفسه هماً وعماً، فإذا فرجت عن أخيك هذه الكربة؛ فرج الله عنك كربة من كرب يوم القيامة.وتفريج الكربات يكون في أمور متعددة: إن كانت كربة مالية؛ فبإعطائه المال الذي تزول به الكربة، وإن كانت كربة معنوية؛ فبالحرص على رد معنويته ورد اعتباره حتى تزول عنه الكربة، وإذا كامن كربة هم وغم؛ فبأن توسع عليه وتنفس له ، وتبين له أن الأمور لا تدوم، وأن دوام الحال من المحال، وتبين له ما في هذا من الأجر والثواب العظيم، حتى تهون عليه الكربة.
ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة" من ستر يعني : غطى عيبه ولم يبينه، فإن الله يستره في الدنيا والآخرة،
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين) المنذري (3/391)
وأحب الناس إلى الله أنفعهم لعباده، وأحب الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديْناً أو تطرد عنه جوعاً،  ولأن أمشي مع أخي في حاجته أحب إلي من أعتكف في المسجد شهراً. والمسلم يسارع إلى فعل الخير واثقاً بمثوبة الله له في فعل الخير كما أخبرنا بذلك نبينا – صلى الله عليه وسلم – بأنه كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
فما أروع أن يكون المسلم نموذجاً حياً في التعاون مع إخوانه المسلمين وتلمس حاجاتهم مما يقوي دعائم المجتمع المسلمأمام صوارف الأيام وإليك هذه القصة للعبرة والعظة  .
       قصة وتعليق

كان هناك رجلا على وشك الموت فكان يريد أن يترك وصية لأولاده الثلاثة، فناداهم أمامه وقال لهم أحضروا عود خشب فأحضروه فقال لأحدهم: اكسره، فكسره الولد. ثم قال: الآن أحضروا عدة أعواد متشابهة فأحضروها وقال للولد الأول حاول أن تكسرها معاً، فحاول أن يكسرها فلم يستطع
وأعطاها أخوه الثاني فحاول فلم يستطع
فأعطاها أخوه الثالث فحاول بكل قوته فلم يستطع.
فكان هذا مثالاً على أن العود عندما كان واحداً استطاع أن يكسره ولكن عندما كانت ملتصقة ببعضها لم تنكسر!
ما هي القيمة الجميلة التي أراد الرجل أن يوصي بها؟
التعاون.. قال – صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا) صحيح البخاري/6026
فالإنسان لا يستغني عن التعاون مع أفراد مجتمعه، فلنتعاون بقوة للخير وعلى الخير ولنعِش مشاعر الأمة ذات الجسد الواحد.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق